مقال إخباري

مؤشر QIMA للربع الأول بعام 2024

25 يناير 2024

تنزيل نسخة PDF

مؤشر توجهات السوق للربع الأول بعام 2024 مع نظرة استرجاعية على عام 2023: هل سيُضاف التوريد من القريب إلى مميزات الاقتصاد الصيني؟

على الصعيد العالمي، شهد عام 2023 فترة من الاضمحلال الاقتصادي وكذلك بعض التوترات الجيوسياسية، مما فرض الكثير من الضغوطات الاقتصادية على العلامات التجارية وتجار التجزئة لضبط مصروفاتهم وتأمين سلاسل التوريد الخاصة بأعمالهم التجارية، الأمر الذي كان يعني بالنسبة للكثيرين إعادة تركيز اهتمامهم على دولة الصين أو تكثيف جهود نقل مقراتهم ومصانعهم للخارج بالقرب من بلدهم الأصلي أو اتباع كلتا الاستراتيجيتين بشكل متزامن. وفي نفس الوقت، التحديات المستمرة المتعلقة بسلاسل التوريد وتتبع حالتها تشير بوضوح إلى أن الشركات بعيدة كل البعد عن الاستعداد للموجة الوشيكة من تشريعات الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (والمعروفة اختصارًا بـESG)، والتي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في الأشهر المقبلة. وفيما يلي نعرض تقرير حول توجهات السوق للربع الأول لعام 2024، والذي يستند إلى البيانات الداخلية لشركة QIMA ونتائج الاستطلاع الذي أجريناه وشمل أكثر من 800 شركة لديها سلاسل توريد دولية، حيث يعرض هذا التقرير نظرة استرجاعية لعام 2023 في مجال التوريد والتوقعات المصاحبة للعام المقبل.

عام 2023 يشهد عودة الصين إلى ساحة التوريد من جديد

بعد عدة سنوات مليئة بالاضطرابات والتحديات اللوجستية الناتجة عن الجائحة العالمية الأخيرة، يبدو أن مصادر التوريد الصينية قد عززت تعافيها في عام 2023، حيث تُظهر إحصائيات شركة QIMA زيادة طلب المشترين الأمريكيين والأوروبيين على عمليات التفتيش والتدقيق في الصين بنسبة +5.4% بشكل سنوي في عام 2023، وبنفس الوقت ارتفعت حصة الصين النسبية في محافظ الموردين لهؤلاء المشترين لأول مرة منذ عام 2018 ، وهو اتجاه تم تسليط الضوء عليه في مقياس الربع الأخير لعام 2023، والذي شهد المزيد من الازدهار منذ ذلك الحين.

ومع دخولنا عام 2024، يعتقد بعض الخبراء أن التوريد من القريب من الصين سوف يشهد المزيد من الازدهار، سواء على المستوى العالمي أو في الغرب، حيث أفاد استطلاع رأي لشركة QIMA أن 59% من المشاركين القائمين في الولايات المتحدة و 68% من أولئك في الاتحاد الأوروبي قد أعلنوا عن خططهم للحفاظ على حجم أعمالهم مع الموردين الصينيين أو زيادتها. بالإضافة إلى ذلك، يتوقع الخبراء استمرار الأسواق الناشئة في لعب دور مهم بالنسبة للصين: فعلى سبيل المثال، تُظهر بيانات استطلاع شركة QIMA أن طلب الشركات القائمة بأمريكا اللاتينية والجنوبية على خدمات التفتيش والتدقيق ارتفع بنسبة + 17% على أساس سنوي في عام 2023. وعلى الرغم من أن الأسواق المحلية قد ساهمت في هذا النمو، يمكن ربط جزء كبير منه بارتفاع نسبة التوريد من القريب الذي اعتمدته العلامات التجارية الأمريكية، مما يزيد الطلب على المواد الخام والموارد الصينية بين الشركات المحلية.

ومن المهم أن نذكر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، شهدت سلاسل التوريد العالمية الكثير من التقلبات المتغيرة، كما لوحظ أن تأثير السياسية الجغرافية على التجارة أكبر من أي وقت مضى، مع ملاحظة أن أي تنبؤات بشأن التوريد الخارجي من الصين في عام 2024 يجب أن تضع في اعتبارها الانتخابات الرئاسية الأمريكية ومدى قدرتها على إعادة تشكيل العلاقة التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

الشكل C1: أهم أسواق الموردين للمشترين الأمريكيين والأوروبيين (الحصة النسبية في أحجام التوريد)

الشكل C2: "ما هو حجم الأعمال التجارية التي تخطط القيام بها مع الموردين الصينيين في عام 2024 مقارنة بعام 2023؟"

زيادة انتعاش التوريد من القريب مما أدى إلى نقل عمليات الشراء بعيدًا عن الأسواق الخارجية البعيدة

استمر نمو شعبية التوريد من القريب (nearshoring) وإعادة التوريد (reshoring) خلال عام 2023 إلى الحد الذي تتزايد فيه نسبة الشراء الداخلي ومن المناطق القريبة على حساب أسواق الموردين في الخارج (باستثناء الصين)، حيث تُظهر إحصائيات شركة QIMA لعام 2023 زيادة طلب المشترين الأمريكيين والأوروبيين على الفحص والتدقيق بشكل نسبي من مناطق التوريد من القريب ومناطق إعادة التوريد، حيث تمثل الآن نسبة 10% من مشترياتهم.

وعلى الرغم من أن الشركات الأوروبية كانت في الماضي أكثر ميلًا للشراء من الموردين الأقرب إلى موطنها الأصلي، إلا أن نتائج استطلاع شركة QIMA تشير إلى أن المشترين الأمريكيين قد أصبحوا الآن مهتمين بالشراء من الموردين القريبين من موطنهم وإعادة التوريد بنفس قدر الأوروبيين. وإن بيانات شركة QIMA حول طلبات الفحص والتدقيق تؤكد هذا الاتجاه: حيث أن المكسيك تفوقت على الصين لتصبح الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة هذا العام، وقد شهدت توسعًا كبيرًا في الطلب على عمليات التفتيش والتدقيق بنسبة تصل إلى +16% على أساس سنوي في عام 2023.

وحتى الآن، لم يُظهر الاتجاه نحو زيادة التوريد من القريب وإعادة التوريد إلى الخارج أي علامات على التباطؤ والتراجع للوراء، وبناءً عليه، فإن 54% من المشتركين الأمريكيين و50% من المشتركين الأوروبيين يخططون للاستعانة بمزيد من الموردين في أوطانهم والمناطق القريبة في عام 2024.

الشكل رقم 1: الحصة النسبية للمناطق الخارجية والمحلية للمشترين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي

الشكل رقم 2: يمثل تطور اهتمام المشترين بالتوريد من القريب وإعادة التوريد بين عامي 2022-2024 (حسب موقع المقر الرئيسي)

أسواق الموردين في آسيا تعاني من ضعف الطلب العالمي

بعد فترة من التوسع الكبير الذي حدث في عام 2022، شهد التوريد من جنوب آسيا تباطؤ ملوحظ في عام 2023، حيث واجهت بنغلاديش على وجه الخصوص الكثير من التحديات المتعلقة بالأجور والأزمة السياسية المستمرة التي أدت إلى توقف الكثير من قطاعات التصنيع خلال الربع الأخير من العام. وعلى الرغم من أن الهند لا تزال الخيار الأول للتوريد من الخارج بين المشاركين في استطلاع شركة QIMA، إلا أنها شهدت تباطؤ ملحوظ في وتيرة توسع الأعمال الجديدة. أحد العوامل الكامنة وراء هذا التباطؤ هي السياسات الوقائية في البلاد، والتي أفادت التقارير أنها أثرت على قرارات سلاسل التوريد الأخيرة التي اتخذتها كبرى الشركات الغربية. ومع تراجع أهم سوقين للموردين الرئيسيين في جنوب آسيا خلال عام 2023، أظهر استطلاع QIMA تراجع الطلب على عمليات التفتيش والتدقيق في المنطقة إلى مستويات تصل إلى تلك المسجلة تحت عام 2021.

وعلى صعيد آخر، كان أداء دول جنوب شرق آسيا أفضل، ولكن وتيرة النمو تضاءلت بسبب ضعف الطلب العالمي، حيث كانت كمبوديا في المقدمة وفقًا لاستطلاع QIMA، فقد ارتفع الطلب على الفحص والتدقيق فيها بنسبة 11% على أساس سنوي خلال عام 2023، مسجلًا بذلك ثالث عام على التوالي من التوسع، بينما شهدت كل من فيتنام وإندونيسيا والفلبين نموًا سنويًا بنسبة تقريبية +5%.

أظهرت بيانات التدقيق أن الامتثال الأخلاقي يرتبط بمستوى نضج منطقة التوريد الخارجي

بناءً على آراء المشاركين في استطلاع شركة QIMA، أفاد ما يقرب من ثلثي المشاركين في الاستطلاع أن امتثال الموردين أصبح أكثر أهمية بالنسبة لهم مقارنةً بالعام الماضي، حيث أفاد 70% منهم أنه يجب توافر عامل واحد على الأقل من عوامل الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات ضمن قراراتهم المتعلقة بالتوريد الخارجي. ومع ذلك، كشفت بيانات عمليات التدقيق الميداني أن التقدم في الامتثال الأخلاقي تباطئ نسبيًا خلال عام 2023، حيث حصل ربع عدد المصانع التي تم تفتيشها على تصنيف "أحمر" والذي يشير إلى الحاجة إلى معالجة عاجلة (مقابل 27% فقط خلال عام 2022). ذلك وقد كانت أكثر القضايا إلحاحًا هي الصحة والسلامة العامة أولًا وعدد ساعات العمل وتوافقها مع الأجور المقدمة ثانيًا، واللاتي شكلت 31% و36% على التوالي من حالات عدم الامتثال الشديد التي أقرها خبراء QIMA في عام 2023.

قد يرجع انخفاض وضوح سلاسل التوريد إلى الفجوة بين استراتيجيات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية (ESG) وتنفيذها الفعلي، فقد أفاد 16% فقط من المشاركين في استطلاع QIMA بمعرفة جميع مورديهم (على جميع المستويات)، وحوالي ثلث الشركات تعرف أقل من 50% من سلاسل التوريد الخاصة بها.

ذلك كما تشير بيانات التدقيق حسب البلد إلى وجود علاقة ارتباط إيجابية بين الامتثال الأخلاقي ومستوى نضج منطقة التوريد. فعلى سبيل المثال، سجّل مدققو QIMA انتهاكات خطيرة للصحة والسلامة العامة في 11% من المصانع التي خضعت للتدقيق في الصين، بينما وصلت هذه النسبة إلى 29% في الهند. هذه النسب لوحظت في جميع جوانب الامتثال الأخلاقي التي شملتها عمليات التدقيق بما في ذلك عمالة الأطفال، والتي كان احتمال وجودها في مصانع فيتنام والهند ضعف احتمال وجودها في الصين.

الشكل E1: يظهر تطور تصنيفات المصانع حسب عمليات التدقيق الأخلاقي بين عامي 2019-2023 (المتوسطات العالمية)

الشكل E2: النسبة المئوية لعمليات مراجعة الحسابات التي كشفت عن انتهاكات جسيمة في الفئات المذكورة في عام 2023 (مقارنة حسب البلد)

العلامات التجارية العالمية تستعد لعام صعب: استمرار أكبر تحديات التي واجهت سلاسل التوريد من عام 2023 إلى عام 2024

سيطرت الكثير من العقبات الصعبة على قائمة تحديات سلاسل التوريد خلال عام 2023، بما في ذلك ارتفاع التكلفة وتأثير التضخم وكثرة التوترات الجيوسياسية، وذلك حسب تصنيف المشاركين في استطلاع شركة QIMA، كما أنه من المتوقع أن تستمر هذه التحديات خلال عام 2024. ومع انخفاض توافر رأس المال العامل وتأثير التضخم على إنفاق المستهلكين، ستواجه الكثير من العلامات التجارية وتجار التجزئة الكثير من الضغوطات المتزايدة لتحسين التكاليف وتخفيف المخاطر. ومن المرجح أن يكون التوريد من القريب أحد الاستراتيجيات المستخدمة لإنقاذ الموقف، مع ملاحظة أن الطرح المستمر للممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات يمثل تحديًا إضافيًا، مما يؤكد الحاجة إلى زيادة الرؤية في سلاسل التوريد.

التواصل مع قسم الصحافة

البريد الإلكتروني: press@qima.com

شارك هذا على